عزيزي القارئ/
تحية طيبة وبعد،
بعد التحية والسلام الواجبين، اسمح لي عزيزي القارئ آخذك اليوم في جولة سريعة وأعدك بجولة شيقة! فلنبدأ؟!أي مادة توجد حولك عبارة عن مجموعة من الذرات؛ وبالنظر إلى الذرة من قرب، نجد أن الذرة تتكون من نواة (بداخلها يوجد بروتونات (جسيمات موجبة الشحنة) ونيترونات (جسيمات ليس لها شحنة)).
هذه النواه يدور حولها في مدارات جسيمات سالبة الشحنة تسمى إلكترونات. وعدد الجسيمات الموجبة (البروتونات) الموجودة داخل النواة والجسيمات السالبة التي تدور حول النواة (الإلكترونات) متساوٍ وهو ما يجعل الذرة ككل متعادلة الشحنة.الشكل التالي يوضح الأمر بشكل مبسط.
هذا الجسيم متناهي الصغر (الإلكترون) يحدد مصير المادة.كما نعلم، المواد ثلاثة أنواع؛ مواد موصلة ومواد عازلة ومواد أشباه موصلة أليس كذلك؟هذا الإلكترون هو الذي يحدد نوع المادة، دعنا نرى كيف يكون هذا تأثير الإلكترون:* المواد الموصلة: هي المواد التي يسهل فقد إلكتروناتها الخارجية.
حركة هذه الإلكترونات هي ما تجعل المادة موصلة جيدة للتيار الكهربائي أو الحرارة.
حيث يسهل مرور الشحنات الكهربائية والحرارة من خلال المادة.
وهو ما يفسر استخدام مواد مثل: النحاس في أسلاك الكهرباء، وكذلك عند تسخين طرف ملعقة من الألومينيوم فإن الطرف الأخر تصل له الحرارة أيضًا.* المواد غير الموصلة: هي مواد لا تفقد الإلكترونات مما يصعّب مرور التيار الكهربائي أو الحرارة من خلالها مثل (الخشب والبلاستيك) لذا نسميها مواد عازلة.
تلك المقدمة لنصل إلى معنى المواد الموصلة والعازلة وذلك لننتقل لموضوعنا الأساسي اليوم.عند احتكاك جسمين مختلفين فإنه يتكون على أحدهما شحنة سالبة وعلى الجسم الآخر شحنة موجبة.
هذه الشحنات إذا كانت على جسم موصل فإنها تفقدها بسهولة جدا ولكن المشكلة تتضح في المواد العازلة حيث يتكون على سطحها شحنة كهربائية ساكنة لا تتحرك لصعوبة فقد هذه المواد للشحنات. وهو ما يفسر مفهوم الكهرباء الاستاتيكية.
ولأن قوانين الطبيعة صارمة فإنه يجب أن تكون جميع الجسيمات متعادلة وتسعى بكل الطرق لوصول جميع الجسيمات للتعادل لذلك تُفقد هذه الشحنات الكهربائية الساكنة الموجودة على المواد العازلة عند ملامستها لأقرب سطح موصل للكهرباء أو الأرض أو تفرغ هذه الشحنة في الطبيعة بعد مرور وقت.نرى هذه الظاهرة عند الاستيقاظ من النوم والاتجاه نحو مقبض الباب لفتحه قد تشعر بماس كهربائي في يدك حيث جسمك الجاف قد تكون عليه شحنات كهربائية طوال فترة النوم فتفقد هذه الشحنات بمجرد ملامسته لجسم موصل للكهرباء كمقبض الباب المصنوع من مادة الحديد.أدعوك لمشاهدة هذا الفيديو التوضيحي:
https://ed.ted.com/lessons/the-science-of-static-electriciيty-anuradha-bhagwat?fbclid=IwAR3PJqPvM6Zc8wHhf4Oeb5pbSTbwV7iELPDIQ10e_UfCK1DIq4V8LM1eJkE#discussion-open
بالمثل هذا هو ما يحدث عند شحن الصهاريج بالمواد البترولية. عندما تتحرك المادة البترولية داخل الأنابيب فإنه نتيجة الاحتكاك تتكون على سطح المواد البترولية شحنة موجبة بينما على سطح الأنابيب شحنة سالبة. وحيث إن الأنابيب تصنع من مواد جيدة التوصيل للكهرباء فإنها تفقد شحنتها بينما تتدفق المواد البترولية بشحنتها الموجبة داخل الصهاريج. تلك الشحنات التي تبحث عن التعادل بأي صورة فتتجه إلى جدران التنكات أو على سطح المادة البترولية.
وهنا يكمن الخطر الذي يغفله الكثير ويرونه كلام فاضي ملوش لازمة.حيث تحدث Shock (صدمة) للشحنات عند ملامستها لجسم التنك المصنوع من مواد موصلة للكهرباء وذلك لأنها وجدت طريقها للوصول إلى التعادل.
إذا كانت ظروف المخلوط الانفجاري للمادة البترولية (مخلوط من أبخرة المواد البترولية والأكسجين) في تلك اللحظة بالنسبة التي تسمح بحدوث اشتعال أو انفجار ترى الكارثة بعينيك وتلك اللحظة للأسف دوما ما تتأكد فيها أنه ليس “كلام فاضي ملوش لازمة”.ويمكن قياس ذلك على شحن وتفريغ المواد البترولية، حركة السيارات الصهريجية في الطرق وكذلك شحن السيارات بمحطات التموين.
والحلول التي تجنبنا هذه الظاهرة ومخاطرها عديدة:
1- التوصيل الأرضي: يتم عن طريق توصيل المواد التي قد تتولد كهرباء استاتيكية بها بمواد موصلة للكهرباء ذات مقاومة منخفضة جدًا حتى تسمح بمرور الشحنات من خلالها إلى الأرض والوصول للتعادل. لا بد أن يكون كابل الأرضي يسمح بمرور الشحنات الكهربائية بمعدل لا يحدث معه shock أثناء تفريغ الشحنة وهذه المواد يتم اختيارها بواسطة المختص.
2- زيادة درجة توصيل المواد البترولية بإضافة بعض المواد إليها تساعد على ذلك وخاصة بمحطات التموين.
3- الوصول لظروف تشغيل آمنة:
• سرعة تدفق السوائل وسرعة الطلمبات يجب أن تكون محسوبة وذلك لأن زيادتها تزيد من معدل تكون الشحنات الاستاتيكية.
• كمية المياه الراكدة بالتنكات والموجودة بالمواد البترولية.
• ضرورة ترك وقت راحة بعد عمليات الشحن والتفريغ يسمح للمادة بتلاشي وعدم تراكم الشحنات الاستاتيكية.
• استخدام خراطيم شحن خاصة مصنوعة من مواد بها أسلاك موصلة كهربيًا.
• خرطوم الشحن يوضع في قاع السيارات الصهريجية أثناء الشحن، ويفضل نظام الشحن من أسفل حيث يقل معه معدل تكوين شحنات استاتيكية.
4- تقليل نسبة المخلوط الانفجاري:
• استخدام الأسطح العائمة بالتنكات
• استخدام بلوف تهوية أتوماتيكية تقلل من نسبة وجود المخلوط الانفجاري.
5- ملابس العمال يجب ألا تكون مصنوعة من مواد بلاستيكية حيث قد تؤدي إلى تكوين شحنات استاتيكية عند احتكاكها. يجب استعمال ملابس عمل مصنوعة من القطن لمنع تكون الكهرباء الاستاتيكية.جميعها حلول الحرص على تطبيقها يقع تحت مسئولية صاحب العمل ويُسأل عن عدم توفيرها وخاصة بعد وجود أنظمة حديثة أتوماتيكية تضمن عدم الشحن أو التفريغ للمواد البترولية إلا في حالة وصول قياس الأرضي للقيم المسموح بها ولا تعتمد على العنصر البشري.
ولكن دورك كمهندس وفني كهرباء يتمثل في:
1- القياس الفعلي لمقاومة كبل الأرضي بالشكل الدوري الموضوع.
2- صيانة أي خلل يطرأ على كابلات الأرضي ويزيد من مقاومتها لتفريغ الشحنة الكهربائية.ودورك كعامل شحن وتفريغ:
1- التأكد من توصيل السيارات الصهريجية بالأرضي قبل الشحن أو التفريغ.
2- وضع خرطوم الأغربة في قاع السيارات الصهريجية أثناء عملية الشحن.ودورك كسائق:
1- معاونة عامل الشحن في إتمام عملية الشحن بأمان توصيل كابل الأرضي.
2- ترك السيارة الصهريجية لتهدأ قليلا قبل إدارتها.
3- الالتزام بالسلسلة الموضوعة بالسيارات الصهريجية لتفريع الكهرباء الاستاتيكية أثناء حركتها على الطريق أو الاستغناء عنها إذا ما كان إطارات السيارات الصهريجية صنعت خصيصًا من مواد موصلة للكهرباء تقوم بدور توصيل الأرضي.ودورك كمسؤول سلامة:
1- متابعة سير العمل وانتظامه وتطبيقه على الوجه الصحيح.
2- رفع وعي العاملين لخطر الكهرباء الاستاتيكية.ويبقى دورك الأهم كمواطن أن تعي خطورة الأمر وأنه ليس كلام فاضي ملوش لازمة وخاصة بمحطات شحن السيارات.
فعند تموين سيارتك عليك الحذر وعدم الخروج أو الدخول للسيارة أثناء عملية الشحن حيث إن الشحنات المتكونة على جسدك أثناء القيادة تبحث عن أقرب فرصة للتفريغ ومن الخطر أن يحدث ذلك خلال عملية الشحن لزيادة نسبة تبخير المواد البترولية خلال هذه العملية تحسبًا لاحتمالية وجود مخلوط انفجاري بالنسبة التي تسمح بحدوث اشتعال لا قدر الله.وهنا تنتهي جولتنا، أتمنى أن تكون الجولة قد أضافت لك معلومة جديدة وأن تعليمات السلامة ليست “كلام فاضي ملوش لازمة”.
نكتفي عزيزي القارئ بهذا القدر في خطابنا الثاني، ولنكمل الحديث في خطابات قادمة.
أنتظر آرائكم واستفساراتكم على الميل:
[email protected]المراجع:
1- http://resources.schoolscience.co.uk/Corus/16plus/steelch1pg2.html
2- https://onlinelibrary.wiley.com/doi/pdf/10.1002/ceat.270160508
3- https://en.wikipedia.org/wiki/Electrostatic_discharge
4- https://en.wikipedia.org/wiki/Electrostatic_dischargeالراسل،
كيميائي/ بسمة الشاطبي
بكالوريوس علوم جامعة الإسكندرية
ماجستير دراسات بيئية – جامعة الإسكندرية
كيميائي بالسلامة والصحة المهنية وحماية البيئة شركة التعاون للبترول
