أسرة بترولية جداً…عائلة من 10 أفراد تصنع ملحمة بالبترول..إعرف قصة كفاح 6 إناث و4 ذكور بشركة أسسها جدهم الأكبر
تقرير مروه الغول – صوت الأمه ..وكالة أنباء البترول والطاقة
دائما ما ترتبط الإنجازات، بالهمة والنشاط والرغبة الدائمة في تجاوز التحديات، وعدم الوقوف أمام أي صعاب، هذه الحقيقة تجسدها أسرة من 10 أشقاء، استطاعت بالاتحاد، والهمة، والعمل الدؤوب، ونسيان الفوارق بين الجنسين، أن تنسج ملامح رائعة لملحمة عنوانها “الذهب الأسود”.
هم عائلة، تتكون من 6 إناث، و4 ذكور، يعملون في الشركة التي أسسها جدهم الأكبر، وسار على نهجه من بعده والدهم، “حسين بريص”، أحد رواد صناعة البترول في مصر، لكن هذا ليس كل شيء، فلهذه العائلة البترولية، رحلة كفاح تستحق إلقاء الضوء عليها، كنموذج مشرف، لعائلات مصرية عريقة، استطاعت أن تحقق نجاحا كبيرًا.
معايشة مع المهندسة منى حسين بريص، لتلقي المزيد من الضوء على رحلة تلك العائلة العريقة، في هذا المجال الحيوي بالغ الأهمية، للاقتصاد المصري.
وتقول منى بريص: “كل أفراد أسرتنا يعملون في صناعة البترول، منذ أن عمل الجد الأكبر فيها، ليصبح النموذج للأبناء والأحفاد، ويتحول نجاحه إلى حافز للعائلة، لاستمرار العمل في تلك الصناعة الثقيلة، حتى أن الأمر لم يقتصر على ذكور العائلة، بل امتد إلى البنات”.
وأشارت منى بريص إلى أن وزارة البترول تقود قطاع البترول في مصر، بنجاح تام، حيث حققت خلال عام 2018، نتائج أعمال متميزة فى جميع أنشطة صناعة البترول والغاز، التي شهدت نشاطا مكثفا، منفذة مشروعات جديدة بنجاح، سواء في أنشطة تنمية وإنتاج الثروات البترولية والغازية، أو تطوير معامل التكرير والتوسع في البنية التحتية، وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين خاصة المشروع القومى لتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل الذى شهد طفرة في اعماله خلال العام.
وأضافت: “شهد عام 2018 الاستمرار في زيادة إنتاج الغاز الطبيعى كأحد ثمار خطط قطاع البترول فى الإسراع بتنمية الحقول المكتشفة ووضعها على الإنتاج بما ساهم في زيادة الإنتاج تدريجيا، على مدار العام والوصول إلى معدلات غير مسبوقة، حيث بلغ إجمالى الانتاج الحالي من الغاز الطبيعى أكثر من 6.6 مليار قدم مكعب يوميًا ومن المتوقع أن يصل انتاج مصر إلى 6.750 مليار قدم مكعب غاز يوميا بنهاية 2018”.
وتروى المهندسة منى بريص، قصة رحلة الكفاح قائلة: “جدي لوالدي عمل في البترول منذ منتصف القرن الماضى، أما والدى فتخرج في معهد البترول بالسويس، الذي أصبح فيما بعد كلية هندسة البترول والتعدين بجامعة السويس”.
وتضيف “منى”: “والدي عمل في أكثر من مكان، بداية من شركة جابكو بترول خليج السويس، وكان يعمل بها موبي مان على بريمة البترول، ثم تركها ليعمل مهندس حفر في شركة بترول أجنبية، وبعد ذلك بدأ في إنشاء شركة خاصة به، وكانت عبارة عن شركة حفر موجه، ويعتبر من المهندسين المصريين القلائل، الذين يعملون في هذا المجال”.
وقالت “منى”: «الشركة الأجنبية، التى كانت تريد حفر بئر في 45 يومًا، لكن والدي حفره في 11 يومًا، وله العديد من براءات الاختراع الخاصة بالآبار، كما أن العديد من أفكاره استعانت بها شركات قطاع البترول المصري، لحل بعض الأزمات المتعلقة بالآبار، في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وجميعها أفكار نجحت فور الاستعانة بها، ودون الحاجة إلى اختبارات مسبقة، ويتم العمل بها حتى الآن، واستعانت بها أيضا شركات عالمية كبرى ومنها عملاق البترول السعودي أرامكو».
وتحكي المهندسة منى بريص، تفاصيل أكثر عن أحد ابتكارات والدها فتقول: «أحد الابتكارات التي رعاها والدي، مثّلت فكرة جديدة، بإيجاد تغيير مسار للآبار القديمة في الأرصفة البحرية المتهالكة، مما يعطي فرصا كبيرة لحفر الآبار، بأساليب توفر الكثير من المال، وتتلافى صعوبات كبيرة، كانت تواجهها الشركات، عندما تحفر آبارا جديدة».
وكشفت “منى”، عن أن هذه الفكرة المعروفة باسم “slot recovery”، يتم تطبيقها بكثير من الدول البترولية عربيًا، وإفريقيًا، وأوروبيًا، وكان لها نصيب كبير داخل حقول خليج السويس في مصر.
وأضافت: «والدي كان لديه 32 اختراعا باسمه، منهم 9 يتم العمل بهم فعليا، في شركة أرامكو السعودية، وخلال عام 2013، تم تسجيل برائتي اختراع لربط المواسير علي الأرض، وهو اختراع يهدف إلى توفير المال والوقت في تلك العمليات، لإصلاح وصيانة الآبار، والعمل على عودة البئر مرة أخرى للإنتاج بشكل سريع».
وتابعت: «بعد ثورة يناير لم يكن هناك شغل، أو أموال للإنفاق على الشركة، وطلبت إحدى الشركات الحكومية تصنيع جهاز يوفر وقت البريمية، في صيانة الآبار، وظل والدي يعمل على صناعة هذا الجهاز لمدة عامين، وتم تجربته بالفعل، ونجح ويتم العمل به حتى الآن».
وتوضح المهندسة منى بريص، قائلة: «استمر عملنا في الحفر الموجه، حتى عام 2008، وبعد ذلك حدثت مشكلة في الشركة، واحتجنا معدات ضخمة في مجال الحفر، الذي نعمل به، فغيرنا النشاط، من أجل العمل على حل هذه المشكلات، التي تواجه الشركات الحكومية أيضا».
تستطرد المهندسة منى بريص، في رواية قصة نجاح عائلتها، فتقول: «نحن 10 إخوة، من مهندسي البترول، نعمل جميعا، ذكورا وإناثا، على البريمة في شركتنا الخاصة، حتى أن البعض يصفوننا بالكوماندوز».
وأضافت: “محدش بيشتغل مدير، كلنا بنعمل وما زلنا، بأيدينا في الورشة الخاصة بالشركة، وخلال إحدى الفترات، كان المديرون الكبار بالشركة، يتركوننا، وكنا نقوم بالمهمة، لأن والدي كان يوجهنا لإدارة الشركة، ويحملنا المسؤولية كاملة، وكان يقودنا شقيقنا الأكبر”.
وتقول “منى”: “لدي أخت خريجة نظم معلومات وعلوم حاسب، وهي المدير المالي للشركة، وأخ آخر مدير للعمليات، بدأ العمل في التوسع”، مضيفة: “كل من يتخرج من إخوتي يلتحق بالعمل معنا، حتى وصلنا عددنا عشرة، حيث نعمل جميعا حاليا في ذلك الشركة، التي بناها والدنا، ومعنا 200 مهندس وفني ولحام وإداري».
وتكشف المهندسة منى بريص، عن أن بنات العائلة تعرضن لحالة رفض مجتمعي، في بداية عملهن على البريمة، باعتبار أنها مهمة الرجال فقط، وتقول عن هذا: “أنا وأخواتي البنات الستة، واجهنا رفضا تاما من الأهل والأقارب والأصدقاء، وبعض الرجال العاملين معنا، وكان أبي يتلقى لوما دائما، وكانوا يقولون له: إزاي مطلع البنات تشتغل على البريمة مع الرجال، في مواقع لا يعمل فيها غير الرجال؟!، وكان والدى يرد بالقول إن البنت مثل الولد، وأننا نعملن مثل الذكور تماما، وربما أفضل”.
وأضافت: “حالة الرفض وصلت لدرجة أنه، في أوقات تناول الغذاء، كانوا يرفضون جلوسنا معنا، وكنا نتناول الغذاء داخل مكان الإقامة الخاص بنا، وعندما كنا نقول ذلك لوالدنا، كان يرد بالقول: دائما ما ستواجهن الرفض، وخاصة رفض وجودكن كسيدات تعملن في هذا المجال، وكان دائما يوجه لنا نصائح المدير، ونصائح الأب معا”.
نصائح الأب المدير
وتابعت: “نصائح والدنا كمدير، كانت عبارة عن أنه من دورنا أن نتحمل، وألا نأخذ الموضوع بطريقة شخصية، وأن نكون على قناعة بأننا مثل الرجال تماما، وكان يقول: مدام دخلتي الموقع ولبستي الأفرول، فأنت مثل الرجل تماما في كل شيء”.
أما نصائح الأب، فكانت تتلخص، بحسب المهندسة منى، في ضرورة أن نتحلى بسعة الصدر، والتعامل بهدوء مع الزملاء.
وتكشف المهندسة منى بريص، جانبا جديدا من حياتها، موضحة أنها متزوجة ولديها ابنتين، وكثيرا ما تتركهم مع جدتهما، وتسافر إلى مواقع الحفر، قائلة: “هما اتعودوا على كده، وعارفين الشد والجذب في العمل، وبيراعوا ده بشكل كبير”.
وأوضحت أنها تعمل في مجال البترول، منذ كانت فى الثانوية العامة، مضيفة: “كنت بطلع على البراريم، منذ الصف الثالث الإعدادي، وكنت أذهب مع والدي لأشاهده في العمل، فنحن أسرة تربت على بريمة البترول”.
وتشير «منى» إلى أنها تعرضت لمواقف طريفة متعددة، تتذكر منها قائلة: “كنت لابسة الكاب والأفرول، ودخل مهندس وألقى الشنطة الخاصة به على الكرسي المجاور لى، وقال السلام عليكم، وأنا كنت أتحدث في الهاتف فرددت عليه، لأفاجأ، بأنه خرج مذعورا، وهو يردد بسم الله الرحمن الرحيم، معتقدا أن من رد عليه السلام بصوت نسائي هو رجل!”.
وتشير “منى”، إلى أن والدتها ربة منزل، لكنهم يطلقون عليها لقب: “مدير العمليات”، لأنها كانت تهتم بكل شيء يخصهم، كما كانت تملك معلومات كثيرة جدًا، عن قطاع البترول، وكانت تؤيد عملنا قائلة: «أحب بناتي يشتغلوا على بريمة البترول».
وتؤكد المهندسة منى بريص، أن زوجها، يعمل أستاذا جامعيا في علوم الكمبيوتر، وليس له أي علاقة بمجال البترول، لكنه لا يعترض على فكرة عمل المرأة على البريمة، ولا يتدخل في عملها.
وحول موقفها من الشباب، تقول المهندسة منى بريص، إنه يعمل معهم في الشركة مجموعة من الشباب، المتميز، وهي المدير لهم، واصفة العلاقة بينهم بالقول: :«بنتعلم من بعض، لأني باعتبرهم أولادي، كما كان يتعامل معنا والدي»، مشيرة إلى أنهم التحقوا بالعمل في الشركة، بعد تخرجهم مباشرة، ويتم تدريبهم على الأجهزة الخاصة بالشركة، في رأس غارب، وإعطائهم دورات تدريبية خاصة بالسلامة والصحة المهنية.
وعن رؤيتها لقطاع البترول المصري حاليا، تقول المهندسة منى بريص، إن هذا القطاع شهد خلال عام 2018، طفرة كبيرة، بافتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي، المرحلة الأولى من الإنتاج المبكر لحقل ظهر العملاق للغاز الطبيعي، بالمياه العميقة في البحر المتوسط والذي بدأ باكورة إنتاجه في منتصف ديسمبر الماضى، كما شهد العام الإسراع بتنمية مراحل جديدة من الحقل، ليتضاعف إنتاج حقل ظهر من الغاز 6 مرات منذ افتتاح الرئيس السيسى باكورة إنتاجه، ليتجاوز 2 مليار قدم مكعب غاز يوميا، ويجري الإسراع باستكمال باقي مراحل المشروع، التي سيصل إجمالي الاستثمارات به إلى 12 مليار دولار، وسيصل الحقل إلى ذروة الإنتاج في نهاية عام 2019 والبالغ أكثر من 3 مليار قدم مكعب غاز يوميا.
وشهد عام 2018 تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعى المنتج محليا بنهاية شهر سبتمبر الماضى بفضل تزايد الإنتاج المحلى من الغاز تدريجيا نتيجة الانتهاء من تنمية ووضع مراحل جديدة من أربعة حقول كبرى في البحر المتوسط على خريطة الإنتاج، وهو ما أدى إلى التوقف عن استيراد الغاز الطبيعى المسال لأول مرة منذ أكثر من 3 سنوات وبالتالي ترشيد استخدام النقد الأجنبي الموجه للاستيراد وتقليل فاتورة الاستيراد التي تشكل عبئاً على الموازنة العامة للدولة، بسحب تأكيدات المهندسة منى بريص.
كما شهد عام 2018 الانتهاء من مراحل جديدة لزيادة إنتاج الغاز الطبيعى من 4 حقول كبرى في البحر المتوسط ووضعها على خريطة الإنتاج وذلك من حقول ظهر وشمال الأسكندرية ونورس وآتول والتي يبلغ إجمالي استثماراتها أكثر من 27 مليار دولار وستصل معدلات الإنتاج القصوى منها مع اكتمال كافة المراحل إلى ما يقرب من 6.5 مليار قدم مكعب غاز يومياً.