عزيزي القارئ,
تحية طيبة وبعد,,
بعد السلام والتحية الواجبين, هذا هو الخطاب الأول من مجموعة خطابات أُثير بهم موضوعات في غاية الأهمية تخص ” السلامة والصحة المهنية وحماية البيئة ” !
تتفق معي في أهميته؟ أم تظن أنه “كلام نظري ملوش لازمة” ؟!
سأرفع عنك الحرج, ترى أنها مجموعة نظريات و فلسفات لا تمُت للحياة العملية بصلة, فقط شعارات تتردد!
وهو الأمر الذي دفعني لأرسل إليك أولى خطاباتي. لعلها تصحح بعض المفاهيم السلبية التي وصلت إلينا والتي توضح صورة مخالفة ومنافية للحقيقة.
ف “السلامة والصحة المهنية” هي ذلك العلم الذي من شأنه المحافظة على سلامتك وتوفير بيئة العمل المناسبة والملائمة لتؤدي عملك دون إلحاق الأذي بك من ( إصابات – حوادث – أمراض مهنية ).
نعم, هو حقك كعامل في أي مؤسسة أن يُضمن لك بيئة تحافظ على سلامتك و صحتك.
وهو أيضا حقك كصاحب عمل أو مدير مؤسسة في الحفاظ على رأس مالك و أنتاجك دون عطلة أو توقف في مسيرة العمل. ذلك الغرض الذي لن تصل إليه إلا بالحفاظ على صحة وسلامة العنصر الأهم في دائرة عملك ( القوى العاملة).
وهو حق البيئة في الحفاظ عليها من الاستنزاف وسوء الاستخدام الذي تتعرض له بغرض الوصول لأقصى أنتاج ممكن و بأقل التكاليف دون النظر إلى أثر ما يُنتج من مخلفات (عوادم, أبخره, مخلفات تتسبب في تلوث التربة والمياه والهواء, … إلخ).
إذًا فلنتفق مبدئيًا على أهمية ” السلامة والصحة المهنية وحماية البيئة ” في الحفاظ على كلًا من العامل و المعدات و رأس المال (الانتاج) والبيئة.
لا مانع من وصول صاحب العمل إلى ما يصبو إليه. ولكن لا يغفل أن الجري خلف التوفير و تقليل التكاليف بنظرة قاصرة على المصالح الشخصية سوف يصل به إلى تلك اللحظة التي يقف عندها مُكبَّل اليدين أمام:
1- تعطل دائرة الإنتاج وغرامات بسبب إصابة أحد العمال نتيجة لعدم الاهتمام بكفاءة المعدات ولا بمواعيد الصيانة الدورية لها, أو إصابته بمرض مهني لعدم الالتزام بالقوانين الموضوعة والتي تحمي العامل من الأمراض المهنية. (سنتطرق لهذا الأمر بالتفصيل في خطاب آخر).
2- غرامات بسبب مخالفات لقوانين البيئة قد تصل إلى السجن و غلق المنشأة.
3- “كما تددين تدان” , الدائرة ليست مقتصرة فقط على المال, ولكنها دائرة متصلة لا يفر منها أحد, الماء الذي تلوث سيصل إليك, وتلك التربة التي لوثت ستذوق أثرها فيما بعد سواء عليك أو على عائلتك و أحبابك, البيئة للأسف ليست كائن مسالم, هي لا تدع من يعبث بها دون ردعه وصفعه على غفلة منه!
صدقني ” السلامة والصحة المهنية وحماية البيئة” ليست “كلام نظري ملوش لازمة” ولكن الاستهتار بتطبيقه هو ” تساهل ملوش لازمة”.
ماذا لو أوضحت لك بعض المخاطر التي تهدد حياتك يوميًا؟ , فلنتجول سويًا في أحداها وليكن المخاطر فيزيائية المتمثلة في ( الضوضاء, الوطأة الحرارية, الإضاءة, الكهرباء الأستاتيكية و الديناميكية, ..). سنتكلم اليوم عن الضوضاء.
أتظن عزيزي القارئ أن ما تتعرض له يوميًا من ضوضاء بسبب المعدات والماكينات و الأدوات المحركة أمرًا ضروريًا يجب التأقلم معه بدافع كسب العيش ؟!
قبل أن تجيب بـ ” كلام نظري ملوش لازمة”, كم مرة خسرك تأثير الضوضاء صديق بسبب الضيق والعصبية؟ , كم مرة شعرت بعدم القدرة على التركيز و التشويش أثناء أداء عملك؟ كم مرة قلت ” علي صوتك مش سامع ” , “بتقول إيه”, ” أنت بتوشوش نفسك ؟”
الأذن إذا تعرضت لضوضاء بقدرأعلى من المسموح لها به تفقد جزء من حساسيتها للصوت وما تفقده الأذن تفقده إلى الأبد! نعم, إلى الأبد!. التعرض بصورة مستمرة لقدر معين من الضوضاء يسبب ما بين ثقل في السمع إلى فقدان السمع. وطبقا لما نُشر بمنظمة الصحة العالمية فإنه يعاني 466 حوالي مليون شخص على الصعيد العالمي من فقدان السمع المسبب للعجز وتشير التقديرات أنه بحلول عام 2050 سيُعاني أكثر من 900 مليون شخص من فقدان السمع. وترجع أحدى أهم المسببات التعرض للأصوات الصاخبة.الأمر ليس هينًا على الإطلاق.
إذًا كيف يمكنك كعامل التعامل مع خطر الضوضاء؟!
لنضع اليوم أول قاعدة ثابتة في التعامل مع أي خطر.
1- منع مصدر الخطر.
2- عزل مصدر الخطر.
3- وضع الحلول الهندسية.
4- مهمات الوقاية الشخصية.
التعامل مع الخطر يكون بالترتيب السابق للحد منه. والحد من الخطر يمكن أن يحدث بتطبيق أحدى الخطوات أو بأكثر من خطوة في وقت واحد. ولكنه لا يجب الاكتفاء والاعتماد على مهمات الوقاية الشخصية فقط دون النظر لما يسبقها من احتياطات واجبة.
وبالتطبيق على الضوضاء, نجد أن الحفاظ على صحتك كعامل يتطلب :
1- منع مصدر الضوضاء أو تبديل المعدة بأخرى إن أمكن.
2- عزل مصدر الضوضاء, وضع المعدات في مباني مخصصة تمتص الضوضاء أو عمل مباني مخصصة للعامليين معزولة عن الضوضاء.
3- وضع الحلول الهندسية لأعطال المعدة المسببه للضوضاء. وكذلك الالتزام بالصيانة الدورية للمعدات و الماكينات المستخدمه في بيئة العمل.
4- الالتزام بساعات التعرض المسموحة: وهو ما يحدده مسئول السلامة والصحة المهنية وحماية البيئة بالقياس الدوري لشدة الضوضاء. تقاس شدة الضوضاء بوحدة الديسيبل (dB) وبناء على القياس يُحدد ساعات العمل المسموح للعامل التعرض لها. وذلك بها بناء على الجدول التالي (طبقا للكود المصري):
5- الالتزام بمهمات الوقاية الشخصية من سدادات الأذن بمختلف أنواعها ( canal caps- ear muffle- ear bulge) والمناسبة لبيئة العمل وهو الأمر الذي يحدده مسئول السلامة والصحة المهنية.
إذا هو ليس ” كلام نظري” بل هو حق لك يجب أن تُطالب به و تلتزم بتطبيقه دون تأفف.
فلنكتفي عزيزي القارئ بهذا القدر في خطابنا الأول, إذا وجدت من الخطاب هدفه فلنكمل الحديث في ” كلام ملهوش لازمة” في خطابات قادمة..
أنتظر أرائكم و استفساراتكم على الميل:
[email protected]
الراسل,,
كيميائي/ بسمة الشاطبي بكالريوس علوم جامعة الإسكندرية ماجستير دراسات بيئية – جامعة الإسكندرية
كيميائي بالسلامة والصحة المهنية وحماية البيئة شركة التعاون للبترول