اقتصادمميز

شادى أحمد يكتب : ريحة الزمن الجميل… راحت فين؟

ريحة الزمن الجميل… راحت فين؟

زمان لما كنا صغار، كنا نحس إن الشارع لينا، وإن الناس أهل، وإن كل حاجة حواليك فيها طيبة وذوق وأصول.

النهاردة؟ الدنيا اتغيّرت، والناس بقت مستعجلة، وكأن القلوب بقت بردة، والحياء بقى كلمة من الماضي.

الذوق مش بس في اللبس، ده كان في الروح

كان الواحد قبل ما يتكلم يفكّر، قبل ما يدخل يسلم، قبل ما يطلب يقول “لو سمحت”.

الناس كانت تعرف تحترم بعضها، حتى لو أول مرة يشوفوك.

كان في حاجة اسمها “ذوق عام”… ما ينفعش تزعق في الشارع، ولا تأذي حد بكلمة، ولا ترمي زبالة في الأرض.

دلوقتي؟ بقينا نشوف اللي يشتم لمجرد إنه متضايق، واللي يضحك بصوت عالي في مكان عام، واللي يحس إن قلة الذوق نوع من “الثقة بالنفس”.

الحياء… مش موضة قديمة، ده أساس التربية

زمان كنا نتكسف نقول كلمة خارجة، حتى لو بين أصحابنا.

البنت كانت تستحي تضحك بصوت عالي، والولد كان يخاف يزعّق قدام الناس.

الحياء كان زينة، كان عنوان للبنت المحترمة، والولد المتربي.

النهاردة؟ بقى الحياء يتقال عليه “عُقد”، واللي مكسوف يتقال له “يلا يا خواف”، وكأن الأدب بقى نقص.

العادات اللي كانت بتلمنا… راحت فين؟

زمان كان يوم الجمعة مقدّس: ريحة الطبيخ طالعة من كل بيت، صوت القرآن من الشبابيك، والعيلة كلها ملمومة.

رمضان كان له طعم، والعيد له طقوس، والعزايم كانت تتعمل من غير حساب.

النهاردة؟ بقينا نعيد برسالة، ونزور على السوشيال ميديا، ونتعذر بإننا مشغولين، رغم إننا بنقضي ساعات على التليفون.

قصة أم أحمد… الست اللي كانت الزمن الجميل

كل حارة كان فيها واحدة زي “أم أحمد”.

ست بسيطة، قلبها كبير، بتلمّ الكل حواليها، وتطبخ وتوزّع، وتفرح بفرحك وتحزن لحزنك.

لما ماتت، الحارة كلها نزلت تعزّي، الكل بكى، والكل قال:

“كانت بتجمعنا… دلوقتي مين هيجمعنا؟”

ماتت الست، بس سابت أثر. سابت حاجة جوانا مش عايزة تموت.

طب نرجّع ده إزاي؟

نبدأ من نفسنا.

نعلّم أولادنا يقولوا “شكرا” و”بعد إذنك”، نربيهم على الحياء، مش على التجرؤ.

نرجع نسأل على جارنا، ونلمّ العيلة على أكل حتى لو بسيط.

ونفتكر إننا مش لازم نكون أغنيا عشان نكون أصليين.

الزمن الجميل مش اختفى، هو اتخبّى جوانا…

مستني اللي يفتحه من تاني، بكلمة طيبة، ولمّة حلوة، وقلب صافي.

زر الذهاب إلى الأعلى
slot server jepang