محسن عليوة يكتب:العمل النقابى بين المسؤولية والالتزام الأخلاقى
العمل النقابى بين المسؤولية والالتزام الأخلاقى إننى فى محاولتى هذه أريد ملامسة والقاء الضوء على جوانب الاختلالات فى العمل النقابى ، وهى محاولة للإطلاع على طبيعة الممارسة و مظاهر الأزمة والأخلاقيات المفقودة ، مع إحاطة القارئ أن هذه الرؤية وتناولى للموضوع هو تجربة ومتابعة ميدانية اعتبرها كافية للإحاطة بمعظم أسباب الأزمة النقابية العمالية بمصر ، فى إطار متكامل ومتشابه فى كثير من النواحى و المشكلات رغم ما قد يتضح من مظاهر مختلفة هنا أو هناك ، كما أن قراءتى للواقع النقابى لا تنفى إيمانى بأن السياق النقابى الحالى هو امتداد لطبيعة المرحلة وآثارها على كافة المستويات الثقافية والسياسية والاجتماعية السائدة ، علاوة على وجود قيادات نقابية معمرة لم يستفيد منها العمل النقابى الا بالقليل الذى لا يغنى ، كما أن أهم عناصر ضياع الهيبة النقابية هو ربط العمل النقابى بالعمل السياسى ، إذ يرى من يتابع الخطاب والممارسة النقابية أن النقابى أصبح يؤدى وظيفة سياسية منضبطة بإيقاعات العمل السياسى الحزبى .
فالعمل النقابى عمل ميدانى ، ونضج الممارسة النقابية لا يتأتى بالتنظير الحالم ،بقدر ما يحتاج إلى ممارسة ميدانية واعية ، و تراكم التجارب والمشكلات هو الذى يصنع العمل النقابى الناجح و المنضبط و الملتزم بأهداف نقابية واضحة ، ومبادئ أخلاقية تحكم الفعل وتوجهه الى صواب الفكر و وضوح الرؤية ، كما أن الممارسة النقابية التى لا تأتى على مرجعية أخلاقية وبُعد أنسانى تُخطئ أكثر مما تصيب ، وذلك لكونها تنظر إلى الأحداث برؤية غير شمولية للواقع ، بحيث تفرض العزلة على العمل النقابى وما يحيط به من مؤثرات إنسانية واجتماعية ، وأخلاقية وثقافية فالعمل النقابى يجب ان لا يكون فى عزلة عن ما يدور من أحداث مجتمعية بل يجب أن يكون جزء لا يتجزأ من نظام المجتمع ككل .
وعلى هذا الأساس ينبغي قبل الشروع فى اى عمل نقابى أن يتم دراسة النظام المجتمعى بأبعاده المتعددة لتكون هذه الدراسة ضابطاً للإيقاع وموجهاً للمسار والعمل الميدانى ،بحيث لا تكون الممارسة النقابية حالمة مجردة من ملابسات الواقع وتناقضاته . كما ينبغى الفصل بين المواقف النقابية و مايريده لها السياسيون والحزبيون ، فيصبح الدور النقابى إداة لتحقيق مطامح الساسة وليس مطالب العمال الذين يمثلونهم ، ولا يجب أن يكون الدور النقابى وكيلاً عن الدور السياسى الذى لا يستطيع السياسيون القيام به وعلى النقابيون أن يستحضروا طبيعة وظروف المرحلة والتدرج فى المطالب دون أن تبيع المواقف .
الفاعلية النقابية : العمل النقابى هو الممارسة الميدانية لتدبير الشأن العمالى بما يكفل للعامل حقوقه المادية والمعنوية وهو إحداث حالة من التوازن بين مصالح العمال ومصالح المنشأة ، وإدارة اى خلاف قد يحدث بين العامل وصاحب العمل أو بين العامل والإدارة بشكل عام. فى إطار القوانين واللوائح المسموح بها والمتفقة مع المواثيق الدولية فى هذا الشأن ، وتقاس الفاعلية النقابية بمدى التأثير على القرار الإدارى و السياسى إعتماداً على رؤية مجتمعية تساهم فى ايجاد حلول سليمة للملفات والقضايا التى تهم العمال وتعبر عن معاناتهم .
أما فيما يخص درجة الفاعلية النقابية فيتحكم فيها ما يتحلى به الممارس النقابى من خبرة فى إدارة الحوار ومسؤولية وجرأة فى تناول وطرح القضايا الحقيقية للعمال ، إضافة إلى مرجعية أخلاقية تنظم طريقه وتحميه من هبوب رياح المصالح الشخصية وتبنى ثوابت فكره وضميره الغير قابلة للمساومة ، وقدرة على المخاطبة ، بالإضافة إلى قدرته على النظر بشمولية الى الأبعاد المتعددة للعملية النقابية التى تمتزج بكل اهتمامات العمال المادية والمعنوية ، وهو الأمر الذى يؤدى الى كسب العمل النقابى للمصداقية وقوة الجماهيرية لدى العمال وتُعد هذه هى أهم آليات الضغط الاجتماعى التى يتم الالتجاء اليها فى مواجهة تعسف الادارة أو رأس المال للتأثير على صٌناع القرار الإدارى المتعلق بحقوق ومكتسبات الطبقة العاملة .