مقالاتمميز

عبد النبى النديم يكتب : جريمة حقول غاز رشيد والبرلس

حقول غرب الدلتا.. اللغز الحائر الذى كشف خبايا كثيرة تثير القلق على مستقبل ثروات مصر من الغاز الطبيعى, فما حدث من جرائم على حقول رشيد والبرلس تستلزم منا وقفة جادة مع المشروعات الغازية الجديدة, حتى لا تتكرر المآساة التى وقعت على هذه الحقول, فالمتابع لتاريخ إنتاج الغاز من هذه الحقول, يدب في قلبه الخوف والقلق على مستقبل الغاز الطبيعى المصرى.

 

 

فالأرقام لا تكذب ولا تتجمل عن الإنتاج فى هذه الحقول, والتى حدث حولها ضجيجا عند اكتشافها بأنها أمل مصر ومستقبلها, فعندما نستعرض مراحل التطور والتدهور فى الإنتاج من حقول رشيد والبرلس, نبدأ من حيث وصل إليه الوضع حاليا, فتصريحات من المسئولين عن الإنتاج بشركة رشيد والبرلس للبترول حاليا , وبالتحديد من المهندس هشام العطار رئيس الشركة الذى يؤكد أن انتاج الشركة اليوم وصل إلى 526 مليون قدم مكعب فى اليوم, فهذه التصريحات التى صرح بها العطار جاءت بحدوث طفرة فى الانتاج بعد أن تدهور الإنتاج فى عصور سابقيه إلى أقل من 250 مليون قدم فى اليوم, بعد أن كان الانتاج من هذه الحقول وصل إلى 2,2 مليار قدم مكعب فى اليوم منذ اكثر من سبع سنوات.

 

 

فنحن نشيد بالقائمين على إعادة الانتاج الى سابق عهده, ولكن نطالب بمحاسبة كل من أجرم فى حق ثروات مصر من الغاز الطبيعى وتدهور الإنتاج من هذه الحقول من 2,2 مليار قدم إلى أقل من 250 مليون قدم مكعب فى اليوم, فى العصور التى سبقت تولى القائمين عليها حاليا المسئولية..

 

فخبراء البترول والغاز المصرى كما أشادوا بالطفرة فى الانتاج التى حدثت فى حقول رشيد والبرلس حاليا, طالبوا بمحاسبة المسئولين عن التدهور الذى لحق بالانتاج خلال الفترة السابقة ، كما صرح لى المهندس مدحت يوسف الخبير البترولى – عندما قاموا بالسحب من خزان الغاز بشكل عشوائى بدون تنمية, بحفر آبار أخرى للحقل للحفاظ على ضغوط الغاز بالخزان, أهملوا التنمية حتى غمرت المياة البئر من الأسفل فقللت الضغوط, مما أدى الى إضمحلال الإنتاج نتيجة سوء الإدارة وعيوب التشغيل لدى المسئولين آنذاك عن الشركة, فلا بد من محاسبتهم, والقيادات التى كانت تتابع إضمحلال الانتاج وتغض الطرف عنه, وكذلك المسئولين عن الوزارة لأنها أهملت فى حق الدولة ولم يقوموا بواجبهم على الوجة الأمثل والطبيعي, فلا بد من المحاسبة.

 

 

فمنحني الإنتاج لحقول غرب الدلتا العميق كما يقول المهندس عبد الخالق عياد رئيس هيئة البترول الأسبق لا يتفق مع العلم والمنطق والعقل هو العبث بعينه وهو تحدي سافر للقانون, وغياب للضمير والأمانة, وهو ما جعل المرحلة (9 ب) واجبة قبل سنوات طويلة من زمنها, وهو الذي أدي إلي اقتحام المياه للآبار مخلفة الغاز ورائها ينعي حظه, لكن النجوم الساطعة في البترول المصري المسئولين عن الشركة حاليا وعلى رأسهم المهندس هشام العطار رئيس شركة رشيد والبرلس للبترول, يعيد الأمل فى عودة القيادات الفنية المتميزة للقطاع ومنع التدهور فى الحقول, ليبدأ العمل في مشروع انتظرناه طويلا ( المرحلة 9 ب ) , فقد كان من المتوقع عند بداية الانتاج أن تستمر هذه الحقول فى انتاج ٢٠٠٠ مليون قدم يوميا حتى عام 2020, ومن يلتفت لثوانى إلى منحنى الانتاج واستنزاف الحقل يصرخ بأنها جريمة ضياع المخزون فى باطن المكمن, وضياع أموال استثمرت لإعداد تسهيلات معالجه لإنتاج عالى لفترة قصيرة ثم أصبحت خردة لعدم الاستعمال.

 

وعن هذه الجريمة التى ارتكبت فى حق حقول الغاز برشيد والبرلس وأسبابها, فابحث عن الشركات الأجنبيه, والتى من مصلحتها المبالغة فى تضخيم المخزون للإسراع بإنتاج الغاز والحصول على تكلفة التنمية بأسرع وقت ممكن بغض النظر عن كفاءة إستخراج الغاز من المكمن, لان مدة الإمتياز بالاتفاقية التى تم الموافقة عليها لا تزيد عن عشرين سنه, فى غياب تام لصوت العقل من قبل الوزارة, وانعدام الرقابة من الأجهزة الرقابية, التى تثير علامات استفهام كبيرة؟؟ الأمر الذى يؤكد أن هناك جرائم ترتكب على ثروة مصر من الغاز الطبيعى, خلف ستائر سوداء, تهدد مستقبل الغاز المصرى.

 

 

يا سادة.. يبدو أن اللعبة كبيرة تديرها المصالح الخفية من شركات البترول الاجنبية, التى تحاول الحصول على اقصى استفادة بكافة السبل المشروعة وغير المشروعة فى أقصر وقت ممكن, بمساعدة بعض من ماتت ضمائرهم, فالشريك الأجنبى هدفه تعظيم استفادته من اكتشافات الغاز على حساب حاجة الوطن من ثرواته, فى وقت كان السوق المحلى مشبع بالانتاج من حقول التمساح والصحراء الغربية, فلجاءت الشركات الأجنبية لتصدير الغاز المصرى لتحصيل الدولارات فى الوقت التى عجزت الحكومه عن دفع قيمه الغاز الذى كان يضخ فى الشبكه المحلية, وقامت الشركات الاجنبية بتكتيف الحكومة المصرية بشروط جزائية متعسفه, فى حال العجز عن توريد شحنات الغاز, نعانى من بعضها الآن أمام التحكيم الدولى.

 

 

ولم يتوقف الشريك الأجنبى عند هذا الحد, بل تطرقت الأمور إلى تكلفة إسترداد مصروفات تكلفة الانتاج على الحقل والتى تم الاتفاق لاستردادها على أربع سنوات, وهى تكلفة مبالغ فيها أضعاف مضاعفة التكلفة الحقيقة, فى غياب تام للرقابه من مختلف الجهات على تكلفة الانتاج ليحصل الجانب الأجنبي بأقصى سرعه على تكلفته المبالغ فيها ولم يناقشه فيها أحد من القائمين على العمل بالقطاع لتكون ليكون الغاز المصرى الدجاجة التى تبيض ذهبا وتحقق مكاسب سريعه للشركات الاجنبية على حساب الوطن..

 

لم اتناول حقول رشيد والبرلس الآن بالنقد, فالقائمين على الشركة لديهم من الحس الوطنى الكفيل ببذل أقصى ما لديهم للحفاظ على ثروات مصر, ولكن هناك من المشروعات العملاقة التى ينتظرها كل مصرى والتى سيكون لها بالغ الأثر فى توفير مصادر وطنية لتوفير الطاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى, مثل حقل ظهر بالمتوسط, وشمال الاسكندرية ونورس .. وغيرها من الحقول الواعدة التى من المنتظر أن تحقق طفرة فى الغاز المصر, إنتبهوا أيها السادة.. واحذروا ألا يتم استنساخ حقل رشيد والبرلس على هذه الحقول التى تمثل أمل مصر ومستقبل الطاقة بها, والتى سيترتب عليها مكاسب داخلية وخارجية.

زر الذهاب إلى الأعلى
slot server jepang