كل ماتريد أن تعرفه عن قواعد تسعیر النفط الخام
تقدم وكالة أنباء البترول والطاقة فى هذه الحلقة شرح لقواعد تسعير النفط الخام فى الاسواق العالمية، حيث صممت قواعد التسيعر بطريقه تخدم الشركات العاملة فى مجال النفط والغاز .
قواعد تسعیر النفط الخام
هي مجموعة من الترتیبات والانظمة التي وضعتها الشقیقات السبع لغرض تسعیر برمیل النفط الخام ، وقد صممت قواعد التسعیر هذه بطریقة تخدم مصالح الشركات النفطیة الاجنبیة ، وفي المقابل تقلل من وطأة المنافسة بین النفوط عالیة الكلفة والنفوط منخفضة الكلفة مثل المنافسة بین النفط الامریكي او المكسیكي او الفنزویلي مع نفط الشرق الاوسط وبالذات نفط الخلیج
العربي. وبمكن تصنیف قواعد تسعیر النفط الخام الى مایلي :
١- قاعدة التسعیر في نقطة الاساس الوحیدة في خلیج المكسیك :
تعد الولایات المتحدة من اكبر منتجي ومصدري النفط في العالم لغایة الحرب العالمیة الثانیة ، ولذلك تأثرت اسعار النفط بشكل كبیر بسیاساتها ومصالحها ، وتحددت اسعار النفط في تلك الفترة بالاسعار المعمول بها في خلیج المكسیك نقطة الاساس الوحیدة . وقد تمخض هذا النظام عبر اتفاق تم بین ثلاث شركات نفطیة كبرى هي : شركة ستاندرد اویل نیوجرسي و شركة رویال داتش وشركة شل . وقد طبق هذا النظام عام ١٩٣٦ بسعر معلن قدره دولار وتسع سنتات لبرمیل النفط الخام الامریكي . إن نظام نقطة الأساس الأحادیة یعني باختصار ان السعر العالمي للنفط الخام في جمیع موانئ العالم ومراكز التصدیر یتحدد بالسعر نفسھ المعلن في خلیج المكسیك ، على أن یضاف للسعر النھائي كلفة النقل من نقطة الأساس إلى مكان التسلیم ، لذلك أصبح لزاما على المستورد أن یدفع سعر برمیل النفط الخام المعلن في خلیج المكسیك مضافا إلیه أجور النقل من ھذا الخلیج إلى میناء المستورد، بصرف النظر عن الجھة أو المیناء المصدر لذلك النفط سواء كان قریبا على خلیج المكسیك أم بعیدا عنھ ، مثلا سعر النفط العراقي المصدر من میناء خور العمیة الى أي بلد من بلدان العالم یساوي السعر المعلن لبرمیل النفط
الخام في خلیج المكسیك زائدا تكالیف النقل الوھمیة من خلیج المكسیك الى میناء الاستیراد .
ونظرا لھیمنة الشركات النفطیة الكبرى على جمیع عملیات الاستخراج وإنتاج ونقل وتسویق نفوط الشرق الأوسط، فقد قامت بتطبیق النظام الجدید على ھذه النفوط المستوردة من أقطار الخلیج العربي مباشرة. وبذلك ظھر العامل المھم في ارتباط أسعار النفط العربي الخام في الخلیج العربي بأسعار النفط الأمریكي الخام في خلیج المكسیك، والذي برز بوضوح من خلال سیطرة الإنتاج النفطي الأمریكي على المركز الأول بین بلدان العالم النفطیة منذ فترة ما بعد الحرب العالمیة الأولى وحتى عام ١٩٣٨ ، حینما كانت نسبته تشكل ٦١ % من المجموع العالمي للإنتاج النفطي. ومع تزاید الإنتاج النفطي في مناطق عدیدة من العالم
وخاصة فنزویلا وإیران مع الأقطار العربیة، فقد انخفضت نسبة مساھمة الإنتاج النفطي الأمریكي في الاستھلاك العالمي من ناحیة، مقابل تزاید الاستھلاك المحلي في الولایات المتحدة مع لجوء الحكومة إلى تنفیذ إستراتیجیة خاصة تتركز في الاحتفاظ بالاحتیاطي النفطي الاستراتیجي للأزمات مستقبلا .
ومن خلال متابعة مسیرة الأسعار المعلنة للنفط الخام على وفق نظام التسعیر الأحادي منذ عام ( ١٩٣٦ وحتى نھایة الحرب العالمیة الثانیة كان مؤشر أسعار النفط الخام یتراوح بین ( ١.٠٩دولار للبرمیل و( ١.٢١ ) دولار للبرمیل كحد أعلى وكان من الأسباب المھمة لمسیرة ھذه الأسعار بالشكل المذكور، بروز سیطرة كارتل الشركات النفطیة الكبرى على السوق العالمیة
عموما وعلى الأسعار بشكل خاص .
لقد حقق نظام نقطة الأساس الأحادي بخلیج المكسیك الاھداف الاستراتیجیة للشركات الكبرى في ذلك الوقت، والذي تجلى واضحا في استمرار سیطرة ھذه الشركات وحكوماتھا على سوق النفط العالمیة، إلى جانب تحقیق الشركات – صاحبة الامتیازات النفطیة في الأقطار العربیة – أرباحا طائلة جراء تصدیرھا النفط الخام الرخیص الكلفة إلى أسواق قریبة من مراكزه الإنتاجیة،
والحصول على نفقات الشحن فضلا عن فروقات الأسعار بین النفط الأمریكي الخام في خلیج المكسیك والنفط العربي الخام في الخلیج العربي بصورة خاصة . اذ استند ھذا النظام على النفط الخام المنتج في تكساس وحقول لویزیانا المرتفع التكالیف مضافا اليه اجور النقل، وبذلك ارتبطت اسعار النفط الامریكي الخام بالنفط العربي في خلیج المكسیك .
إلا أنه نتیجة لظروف الحرب العالمیة الثانیة، فقد بدأ نظام نقطة التسعیر الأحادیة بخلیج المكسیك یضعف ویفقد من أھمیتھ، اذ ظھرت مجموعة من المتغیرات تتمثل في ظھور مناطق انتاج جدیدة وحاجة المتحاربین الى مصادر نفط قریبة وقلیلة التكالیف وبكمیات كبیرة وامتداد نشاطات الشركات النفطیة الاجنبیة الى الوطن العربي حیث الاحتیاطیات النفطیة الھائلة وبالذات في
منطقة الخلیج العربي ، ولذلك وافقت الشركات النفطیة الكبرى على اختیار الخلیج العربي كنقطة أساس ثانیة لتسعیر النفط الخام على المستوى العالمي.
٢- نظام نقطة الاساس المزدوجة في الخلیج العربي وخلیج المكسیك :
بدأ تطبیق نظام نقطة الأساس المزدوجة لتحدید الأسعار المعلنة في عام ١٩٤٥ ، اذ انتبھت البحریة البریطانیة إلى الارتفاع غیر المبرر في أسعار النفط المورد إلیھا خلال الحرب العالمیة الثانیة ،وإمام ضغوطات الحكومة البریطانیة على الشركات العالمیة ا لتي لم تجد أمامھا غیر الاعتراف بمنطقة الخلیج العربي كنقطة أساس ثابتة لتسعیر النفط، وتم اتخاذ نقطة” عبادان” بإیران في مستوى السعر نفسھ في خلیج المكسیك، ولم یمض وقت طویل حتى طالبت الولایات المتحدة الأمریكیة من الشركات النفطیة العالمیة بتحدید سعر الأساس انطلاق من ” راس تنورة” بالسعودیة في مستوى السعر نفسھ في خلیج المكسیك، خدمة لمصالحھا بفعل تزاید صادراتھا من المنطقة ، ومنذ ذلك الحین أصبح للنفط نقطتین للتسعیر .
وبموجب ھذا النظام یكون لدینا نقطتین للتسعیر واحدة في الخلیج العربي والثانیة في خلیج المكسیك مع وجوب ان یكون السعر المعلن في النقطتین واحدا أي موحدا بین الخلیجین ، وتحسب تكالیف النقل من الخلیج العربي الى میناء الاستیراد ومن خلیج
المكسیك الى میناء الاستیراد ، حیث حددت أسعار النقطة الجدیدة في الخلیج العربي بحدود مقاربة لأسعار النقطة الأساسیة السابقة في خلیج المكسیك، فأصبح بإمكان المشترین لنفوط الشرق الأوسط والخلیج العربي أن یدفعوا منذ ذلك الوقت أسعارا معلنة محددة مضافا إلیھا أجور شحن وتأمین من أقرب الخلیجین إلیھم . وقد عززت ھذه القاعدة من قدرة النفوط العربیة على منافسة النفط الامریكي .
وقد اختارت الشركات النفطیة العالمیة منطقة تعادل او نقطة تعادل تجعل السعر المعلن زائدا تكالیف النقل واحدا في تلك النقطة وھي میناء نابولي الایطالي أي ان یكون ھناك سعر موحد لبرمیل النفط الخام یدخل الى الاسواق النفطیة العالمیة . وبسبب التحول الذي طرأ على الصناعة النفطیة وتحول الولایات المتحدة من دولة مصدرة للنفط الخام الى دولة مستوردة ، فضلا عن ظھور مراكز انتاج جدیدة في الشرق الاوسط والبحر الكاریبي ثم حاجة اوربا للطاقة لاعمارھا من خلال مشروع مارشال ، ولذلك نقلت الشركات النفطیة نقطة الاساس من میناء نابولي الى میناء ساوثھامبتن الانكلیزي ثم استقر الحال في نظام التعادل باستحداث نقطة تعادل جدیدة ھي میناء نیویورك ، وتعادل ھذه النقطة السعر المعلن لنفط البحر الكاریبي بسعر النفط العربي في الخلیج حتى یدخلا السوق العالمیة بسعر واحد مع اضافة كلفة النقل والشحن والتأمین . لقد وجھت بعض الانتقادات للنظام المزدوج للاسعار في بعض الدول المستھلكة للنفط واھمھا ارتفاع السعر المعلن لبرمیل النفط الخام المنتج في الخلیج العربي قیاسا بنفقات انتاجه المنخفضة وكذلك ارتفاع تكالیف النقل .
استمر العمل بقواعد التسعیر ھذه حتى بعد دخول الصناعة النفطیة الى نظام المناصفة والتملك ١٩٧٢ . وكانت – الكلي والمشاركة الا في بعض الاستثناءات الخاصة بحركة التأمیمات ١٩٦٩ . منظمة الاوبك تطلب من الشركات ان تعدل الاسعار ولھذا عقدت ثلاث اتفاقیات عام ١٩٧١ وقد تمكنت الاوبك من تحدید اسعار نفوطھا خلال المدة ١٩٧٣ الى ١٩٨٦ من خلال التعدیلات التي اجرتھا من طرف واحد على اسعار النفط ومنھا التعدیلات الكبیرة عام ١٩٧٣ ثم تعدیلات مؤتمر الدوحة عام ١٩٧٦ ثم تعدیلات ١٩٧٩ – ١٩٨٦ ثم بدأت سلسلة الانخفاضات خلال المدة ١٩٨٣ الى 1986 على الرغم من تحدید الاوبك لحصص انتاجیة معینة لكل دولة منظمة الیھا . وعلى العموم اصبحت السوق النفطیة العالمیة بتغیراتھا العدیدة ھي التي تحدد اسعار النفط الخام ابتداء من عام ١٩٨٦ ولغایة الآن .
مقال عن النفط والغاز