كيف تغيرت قواعد الاقتصاد العالمى خلال السنوات الماضية؟.. خبير يشرح الأسباب
[ad_1]
تُتخذ القرارات الاقتصادية فى العالم الغنى، وفقًا لتوجهات نحو مليار مستهلك، بالإضافة إلى ملايين الشركات، لكن توجد أيضًا مؤسسات عامة قوية تحاول وضع الاقتصاد على الطريق الصحيح، مثل البنوك المركزية التى تحدد السياسة النقدية والحكومات التى تحدد مقدار الإنفاق والاقتراض.
على مدار الثلاثين عامًا الماضية (وربما أكثر من ذلك) جرت الأمور وفقًا للقواعد المنصوص عليها، فكانت الحكومات تسعى وراء ازدهار سوق العمل للفوز بأصوات الناخبين، لكن ذلك قد يدفع الاقتصاد إلى الفوران، مما يؤدى إلى التضخم، لذا كان من الضرورى وجود بنوك مركزية مستقلة لامتصاص بعض الصدمات عندما تستعد الحكومات للاقتراض، وبصيغة أخرى، ففى حين يركز السياسيون على قدرات الدولة وعدد لا يحصى من الأولويات، يكون على صناع السياسة ترويض الدورة الاقتصادية.
لكن هذا النظام يتداعى بمرور الوقت حيث انهارت العلاقة بين انخفاض البطالة وارتفاع التضخم، وبات العالم الغنى يتمتع بازدهار فى فرص العمل حتى فى الوقت الذى تخفض فيه البنوك المركزية أهدافها للتضخم، وبحسب الخبير الاقتصادى محسن عادل فقدت البنوك المركزية هناك عدة شواهد لذلك وهى:
1- معدل البطالة فى الولايات المتحدة على سبيل المثال، يبلغ 3.5%، وهو الأدنى منذ عام 1969، ومع ذلك فإن التضخم يبلغ 1.4% فقط، وفى الوقت نفسه أسعار الفائدة منخفضة للغاية ويعتقد أن أغلب البنوك المركزية لم يعد لديها مساحة كبيرة لخفضها إذا وقع الركود.
2- فى أواخر يونيو الماضى، قال الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية “أنجل غوريا” إنه بعد ما يقرب من عقد من الأزمة المالية العالمية، لم يتبقى فى جعبة البنوك المركزية الكثير من الأدوات لدعم الاقتصاد.
3- جاءت تصريحات “غوريا” قبل خفض البنك المركزى الأوروبى والاحتياطى الفيدرالى لأسعار الفائدة خلال سبتمبر الماضى، فى خطوة لا يزال يعتقد محللون أنها ربما لن تساعد كثيرًا فى التصدى للركود القادم.
4- حتى الآن لا تزال بعض البنوك المركزية تحاول دعم الطلب من خلال التيسير الكمى، أى عبر شراء البنوك المركزية للسندات، وهى ممارسة كانت غريبة وتبدو مؤقتة فى الماضى، لكنها أصبحت أمرًا طبيعيًا فى الوقت الراهن.
5 – نتيجة لذلك، تحتاج قواعد السياسة الاقتصادية إلى إعادة صياغة، وعلى وجه الخصوص تقسيم العمل بين البنوك المركزية والحكومات، وهى عملية مثيرة للجدل الشديد وربما تصبح خطرة.
تخمة الادخار
وأرجع عادل، بداية تغير تلك القواعد، تعود جذور العهد الجديد للسياسة الاقتصادية إلى الأزمة المالية خلال الفترة بين عامى 2007 و2009، حيث اتخذت البنوك المركزية تدابير مؤقتة وغير عادية مثل التيسير الكمى، لتجنب الكساد، لكن تبين أن هناك قوى عميقة أخرى مؤثرة منذ ذلك الوقت، وذلك لعدة أسباب وهى :
1- لم يعد التضخم يرتفع بشكل موثوق عندما تكون البطالة منخفضة، ويعزى ذلك جزئيًا إلى أن العامة قد يتوقعون ارتفاعًا متواضعًا فى الأسعار، وكذلك لأن سلاسل التوريد العالمية الحالية تعنى أن الأسعار لا تعكس دائمًا ظروف سوق العمل المحلية.
2- فى الوقت نفسه أدى تخمة الادخار وتردد الشركات فى الاستثمار إلى انخفاض أسعار الفائدة، ويقول الخبراء أنه مع تعثر الاقتصادات، يكون هناك حاجة للحد من المدخرات وتعزيز عمليات الإقراض التى من شأنها تحفيز خلق فرص العمل.
3- قبل عام 2005، لم يتجاوز معدل الادخار العالمى 24.5%، ثم انخفض خلال عام 2009 (فى أثناء اضطرابات الأسواق)، لكنه قفز إلى مستوى قياسيًا عند 26.7% بحلول عام 2018، أو ما يعادل 21 تريليون دولار تقريبًا.
4 – بسبب شهية العالم للادخار، فإن نحو ربع السندات ذات الدرجة الاستثمارية (ما قدره نحو 15 تريليون دولار) أصبحت سالبة العائد، مما يعنى أن المقرضين يجب أن يدفعوا رسومًا نظير الاحتفاظ بهذه الأوراق المالية.
5- كافح الاقتصاديون والمسؤولون طويلًا من أجل التكيف، وفى أوائل عام 2012 اعتقد الفيدرالى أن أسعار الفائدة الأمريكية ستستقر عند ما يزيد قليلًا على 4%، والآن بعد ما يقرب من 8 سنوات، تتراوح بين 1.75% و2%.
6- قبل عقد من الزمان، ظن جميع صناع السياسة والمستثمرين أن البنوك المركزية سوف تهدأ فى نهاية المطاف وتتوقف عن شراء السندات، وأنها ستترك حيازاتها تصل إلى موعد الاستحقاق وتنتهى برامج التيسير، لكن الآن يبدو أن هذه السياسة ستدوم طويلًا.
7- تبلغ ميزانيات البنوك المركزية فى أمريكا ومنطقة اليورو وبريطانيا واليابان مجتمعة، ما يعادل 35% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى لهذه البلدان، ويستأنف البنك المركزى الأوروبى حاليًا شراء السندات بسبب ضعف التضخم.
7- تمكن الاحتياطى الفيدرالى لفترة من الوقت من تقليص ميزانيته العمومية، لكن منذ سبتمبر بدأت أصوله فى النمو مرة أخرى مع ضخ السيولة فى أسواق المال المتقلبة، وأكد رئيسه “جيروم باول” أن هذا النمو سيتواصل.
8 – فى فترات الركود، ستحتاج الحكومات والبنوك المركزية إلى إدارة برامج تحفيز سريعة وقوية لكن محدودة؛ ربما تحاول الحكومات التصدى للبطالة وتتحمل عجزًا أكبر، وقد تحتاج البنوك المركزية إلى اعطاء المواطنين أموالًا.
9- فى النهاية سيكون لكل مسار مخاطره الخاصة، لكن المؤكد أن النظام القديم لم يعد يعمل كما كان، ويجب أن تتحول وتتهيأ المؤسسات التى تقود الاقتصاد إلى عالم لم يكن مألوفًا فى السابق.
Source link