من التأسيس للإغلاق وتوزيع العاملين..تعرف على قصة شركة “استيرنكس”
كتب رأفت إبراهيم
قررت وزارة البترول والثروة المعدنية، إغلاق الشركة المصرية لانتاج الاستيرين والبولى استيرين بالاسكندرية”استيرنكس”، التابعة للشركة القابضة للبتروكيماويات”ايكم”، وتوزيع العاملين بالاسكندرية والقاهرة على بعض شركات القطاع، وذلك بعد تعثر الشركة ومواصلة تحقيق خسائر فادحة.
تم تأسيس الشركة المصرية لإنتاج الستيرين والبولى ستيرين (استيرنكس) عام 2005 كشركة مساھمة مصرية بنظام المناطق الحرة الخاصة وفقا لأحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 ،كإحدى مشروعات الخطة القومية لصناعة البتروكيماويات، لتكون مشروع متكامل لانتاج مادتى الستيرين، بطاقة انتاجية 300 ألف طن والبولى ستيرين بطاقة انتاجية 200 ألف طن مضيفين أنها أول شركة فى مصر بل والقارة الأفريقية تعمل فى ھذا المجال، برأس مال مصرى 100 % (قطاع البترول 60 %-وزارة المالية وبنك الاستثمار القومى40 %)، وبتمويل وطنى 100 % ، وذلك لسد احتياجات السوق المحلى من تلك المنتجات بالإضافة إلى تصدير الفائض وتوفير العملة الصعبة دعما للاقتصاد القومى حيث تبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 410 مليون دولار.
و مع مطلع عام 2014 قامت الشركة بالانتهاء من تنفيذ مصنع البولى ستيرين كمرحلة أولى، وأثبتت نجاحها ، من الناحية الفنية والتسويقية بالرغم من وجود بعض الملاحظات الفنية للمقاول العام التى لم ينهيها حتى الأن،حيث تمكنت من إنتاج كمية 190 ألف طن من مادة البولى ستيرين (منذ إنشاء المصنع) ساھمت من خلاها فى تغطية احتياجات السوق المحلى وتصدير نسبة 92 % من إجمالى ما تم إنتاجه إلى ما يقرب من 23 دولة بالأ سواق العالمية وأصبح لمنتج الشركة تواجد قوى قادر على المنافسة عالمياً خاصة بعد الحصول على عدد من الشهادات العالمية لجودة وصلاحية منتجات الشركة وتطبيقاته.
وتعرض شركة استيرنكس، لأزمة مالية عنيفة نتيجة وجود بعض الصعوبات والمعوقات التى واجهتها منذ بدء الإنشاء والتى تتلخص فى تأخير تنفيذ مصنع البولى ستيرين لمدة قاربت 4 أعوام ، بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية المتزامنة مع فترة الإنشاء مما حمل الشركة بأعباء وفوا ئد القروض البنكية فضلاً عن باقى المصرو فات الثابتة والتى لم يكن يقابلها أى إيرادات طوال فترة التأخير مما أدى إلى ارتفاع التكلفة الرأسمالية لمصنع البولى ستيرين.
وحدث انخفاض كبير لهامش الربح بين سعر الستيرين والبولى ستيرين عن القيمة التقديرية المدرجة بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وتزامن بدء التشغيل التجارى لمصنع البولى ستيرين مع التقلبات السعرية الحادة فى أسعار النفط ومشتقاته عالمياً وارتفاع سعر صرف الدولار.
وأدت الأزمة المالية والمعوقات التى واجهتها الشركة إلى زيادة مديونيات الشركة وتراكم أقساط القرض والأعباء المترتبة عليه مما أدى إلى خفض الدرجة الائتمانية للشركة والتهميش وكذلك تراكم مديونيات الموردين مما أدى إلى لجوء بعضهم إلى التحكيم الدولى ومواجهة الشركة للعديد من المواجهات القانونية والتعثر فى الوفاء بالالتزامات التعاقدية المبرمة مع الشركات ذات الصلة بنشاط الشركة الإنتاجى “كالكهرباء و الغازوال تداول” ، أو الوفاء بمستحقات العاملين بالشركة.
كما أدت الأزمة المالية والمعوقات أيضا إلى توقف الشركة عن الإنتاج كلياً للعجز عن التمكن من توفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج منذ أكتوبر 2014.
ولإستكمال خطة الشركة وتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع المتكامل ، وإنشاء مشروع الستيرين ، فقد تم إعداد دراسة جدوى اقتصادية متكاملة لمشروعى الستيرين والبولى ستيرين معاً من خلال شركة جاكوب ، العالمية باعتبارها من كبريات الشركات العالمية فى ھذا المجال حيث تم دراسة جميع البدائل الممكنة و انتهت نتائجها إلى عدم الجدوى الاقتصادية من استمرار تشغيل مصنع البولى ستيرين منفرد اً، ووجود خسائر محققة حال استمرار التشغيل بالوضع الحالى وبما يهدد بتآكل رأس مال الشركة كلياً”.
وانتهت الدراسة إلى وجود عائد قدره 16.5 % على رأس المال من إنشاء مصنع الستيرين منفرد اً، وكذلك وجود عائد6 % على رأس المال للمشروع المتكامل ككل “مصنع الستيرين – مصنع البولى ستيرين)، مما يؤكد حتمية إنشاء مصنع الستيرين لتحسين اقتصاديات المجمع ككل، كما اوصت الدراسة بإضافة بعض المشروعات المساندة لتحسين اقتصاديات الشركة “كنشاط تداول الستيرين والمواد الكيماوية”.
وخاطب بنك مصر وكيل البنوك المقرضة المساھمين لسداد الأقساط المتأخرة على الشركة وذلك بعد مرور الكثير من الوقت الذى كان من الممكن إنجاز خطوات سريعة فى مشروع الستيرين والذى بالفعل تم الانتهاء من أعمال التصميمات والاعمال المبكرة للمشروع، موضحين أنه نظراً لخطورة وضع الشركة بالظروف الحالية، فالأمر يستوجب حل جذرى للنهوض بالشركة طبقاً لتوصيات دراسة شركة جاكوب.
لم تكن وزارة البترول صاحبة القرار منفرداً لذلك، قادت عدة محاولات وأرسلت مخاطبات كثيرة، لوزراء المالية والاستثمار، لمساندة الشركة.
وفى إطار مساندة الشركة وقعت وزارة البترول فى 18 مارس 2018، عقد بين الشركة المصرية لإنتاج الستيرين والبولى ستيرين (استيرنكس) وشركة نيوبرسبيكتيف الإنجليزية لتوريد كميات من خام الستيرين للتصنيع بأجر لإنتاج منتج البولى ستيرين بكمية 100 ألف طن سنوياً لمدة عام قابل للتجديد.
حضر مراسم التوقيع المهندس محمد سعفان رئيس الشركة القابضة للبتروكيماويات . ووقع العقد الكيميائى سعد محمد هلال رئيس شركة استيرنكس والسيد/ إيرڨان وحيد رئيس شركة نيوبرسبيكتيف الإنجليزية .
وصرح وزير البترول عقب التوقيع أن الهدف من التعاقد هو إعادة تشغيل مصنع بتروكيماويات إنتاج البولى ستيرين بالأسكندرية بعد توقف دام أكثر من عام لتغطية احتياجات السوق المحلى وتصدير الفائض خاصة وأن المنتج يعد المادة الخام الرئيسية للعديد من الصناعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بالتعبئة والتغليف ومواد العزل ومستلزمات صناعة السيارات وخلافه .
وأضاف أن التعاقد يأتى فى إطار خطة تصحيح مسار شركة الاستيرنكس قصيرة الأجل ولتحسين اقتصاديات المشروع تتبعها خطوات أخرى متوسطة وطويلة الأجل لتشغيل المشروع المتكامل الذى يحقق الجدوى الاقتصادية المرجوة خاصة وأن التكلفة الاستثمارية لمشروع البولى ستيرين ، الذى تبلغ طاقته 200 ألف طن وتم تشغيله فى عام 2013 وتوقف عن العمل فى نهاية عام 2014 “تبلغ حوالى 406 مليون دولار تم تمويلها من استثمارات وطنية من قطاع البترول ووزارة المالية وقروض من البنوك الوطنية”.
ومن جانبه أشار المهندس محمد سعفان أن إنتاج الشركة منذ بدء التشغيل وحتى التوقف بلغ أكثر من 180 ألف طن ساهم فى تلبية جانب من احتياجات السوق المحلى وتصدير الفائض إلى 23 دولة فى أوروبا وآسيا وأمريكا ، مشيراً إلى أن توقف تشغيل المصنع نتيجة حدوث بعض المستجدات فى السوق العالمى للبتروكيماويات أدى إلى انخفاض فارق السعر بين المادة الخام (الستيرين) الذى يتم استيرادها ومنتج البولى ستيرين الذى يتم إنتاجه .
وتابع:” وأدى إلى عدم قدرة المشروع على تغطية التكاليف الغير مباشرة عند التشغيل وتحقيق خسائر وعدم القدرة على سداد أقساط القرض وأعبائه وتعثر تنفيذ المرحلة الثانية للمشروع لإنتاج السـتيرين محلياً بدلاً من الاستيراد المطلوب لإنتاج البولى ستيرين” .
وأشار إلى أن هذا التعاقد سيمكن الشركة من تلافى مخاطر تذبذب أسعار المادة الخام (الستيرين) بما يمكن الشركة من سداد مصروفات التشغيل المباشرة وجانب من المصروفات غير المباشرة والمحافظة على الأصول والمعدات والبنية الأساسية الموجودة فضلاً على الحفاظ على إسم منتج الشركة فى الأسواق المحلية والعالمية . وأضاف أنه تم اتخاذ عدد من الإجراءات ساهمت فى خفض النفقات بنسبة 12٪ .
وأوضح أن الخطة متوسطة الأجل تشمل التنسيق مع بعض الدائنين لجدولة سداد المستحقات ، وتم بالفعل جدولة حوالى 31 مليون دولار وأيضاً جارى التفاوض مع البنوك المقرضة لتأجيل وجدولة سداد الأقساط وأعبائها لتتمكن الشركة من الاستمرار فى التشغيل والوفاء بإلتزاماتها .
أما خطة الاصلاح طويلة الأجل فتتمثل فى تنفيذ مشروع إنتاج الستيرين بطاقة 300 ألف طن سنوياً بدلاً من استيراده وهى المادة الخام لإنتاج 200 ألف طن من البولى ستيرين ، وتم البدء فى الإعداد لتنفيذ المشروع وإعداد دراسات الجدوى التفصيلية بواسطة أحدى مؤسسات الخبرة العالمية وسيسهم المشروع فى تخفيض أعباء الاستيراد مما يحسن اقتصاديات التشغيل لمشروع مصنعى الستيرين والبولى ستيرين .