أخبار البترول

كارثة بلاغات للنائب العام باستيلاء شركة بترول شريك أجنبى على 90% من رواتب العاملين المصريين

ومهزلة ..جميع سيارات الشركة معفاة من الجمارك والضرائب.. وتجدد رخصتها السنوية بـ180 قرشاً فقط

لا أحد ضد أن تلتزم الحكومة بتعهداتها، ولا أن تسدد ما عليها من ديون لشركات تعمل فوق الأراضى المصرية، ولكن المستندات التى حصلت عليها “الوفد”، تجعلنا نصرخ بأعلى صوت مطالبين الحكومة بإعادة النظر فى مخصصات شركات البترول الأجنبية العاملة فى مصر.. فالمستندات التى تحت أيدينا تقول إن بعض هذه الشركات تحصل من هيئة البترول على أموال ضخمة كرواتب للعاملين فيها، ولا تقدم سوى حوالى 10% فقط من تلك الأموال لعامليها وتحتفظ بالباقى لنفسها!.. والباقى هذا بمئات الآلاف من الدولارات شهريا!
وفوق هذا تطلب بعض تلك الشركات من هيئة البترول أموالا بدون وجه حق تقارب مليون دولار كل شهر، ثم تتمتع فوق ذلك كله بإعفاءات جمركية وضريبية كبيرة.
ما بين ترحيب كبير باعتبارها تساهم بشكل إيجابى فى تنشيط الاقتصاد الوطني، وبين رفض قاطع لوجودها لأنها تحصل على نسبة غير قليلة من ثروات الوطن، يتواصل جدل ساخن حول عمل شركات البترول الأجنبية فى مصر، والواضح أن هذا الجدل لن يحسم قريبا، لتمسك كل طرف برأيه، ورفضه التخلى عنه ولو لمنطقة وسطى بين الرأيين.
هذا الجدل تتفرع منه قضية أخرى تفرض نفسها بقوة فى السنوات الأخيرة، وهى قضية مستحقات شركات البترول الأجنبية، وهى القضية التى تحولت إلى أزمة بعدما تراكمت تلك المستحقات لعدة سنوات حتى وصلت قبل شهور قليلة إلى 9 مليارات دولار بالتمام والكمال، وهو مبلغ ضخم بكل المقاييس خاصة فى ظل أزمة العملة الصعبة التى تعانى منها مصر منذ ثورة يناير 2011.
صحيح أن مصر سددت حوالى 5٫5 مليار جنيه من تلك المبالغ ولم يتبق سوى 3.5 مليار دولار فقط، ولكن حتى هذا المتبقى، هو مبلغ كبير بكل المقاييس، فى ظل جنون أسعار الدولار فى مصر، وبالمناسبة هذا المبلغ مستحقات لـ11 شركة بترول أجنبية فقط هى: «أباتشى» الأمريكية و«اينى» الإيطالية و«بى بى» البريطانية و«شل» الهولندية و«سيبترولى» التشيلية و«أر دبليو إى» الألمانية و«أى بى أر» الأمريكية و«دانة غاز» الإماراتية و«كويت انرجى» الكويتية و«ترانس جلوب» الكندية، و«بتروناس» الماليزية.
والمفاجأة أن كثيرا من تلك الأموال يمكن إسقاطها، لأنها تخالف الواقع، فجزء غير قليل منه تم وضعه بدون وجه حق، وبالتالى يمكن إسقاطه وحسب خبراء فإنه المبالغ التى يمكن إسقاطها تكاد تعادل نصف المستحقات أى ما يقارب مليارا و750 ألف دولار!
وحسب مستندات حصلت عليها “الوفد” تتعلق بإحدى أكبر شركات البترول الأجنبية العاملة فى مصر وهى شركة أمريكية، فإن هناك 3 طرق يتم من خلالها – بدون وجه حق- زيادة مخصصات شركات البترول بشكل كبير، أولها تخفيض رواتب العاملين فيها، وسوء استغلال الإعفاءات الضريبية، وعدم سداد الضرائب المستحقة مقابل الخدمات التى تحصل عليها.
والشركة مثلها مثل كل شركات البترول الأجنبية العاملة فى مصر، تباشر عملها فى البحث عن البترول واستخراجه، بناء على اتفاقيات بينها وبين الحكومة، متمثلة فى الهيئة المصرية العامة للبترول، ومن بين بنود هذه الاتفاقيات أن تتحمل الدولة المصرية أجور العاملين فى تلك الشركات، ويصدر بتلك الأجور جدول للمرتبات تصدره الهيئة تخاطب به جميع الشركات التى تعمل فى مجال البترول، والمفاجأة – بحسب المستندات التى حصلت عليها- هى أن شركة «أباتشى» تحصل من هيئة البترول على رواتب للعاملين فيها، ثم تقتطع نسبة كبيرة من هذه الرواتب وتصرف أجورا أقل بكثير مما تحصل عليه بالفعل!
على سبيل المثال «تمام أحمد تمام» يعمل سائقا بالشركة فى مصر، حددت له هيئة البترول راتبا شهريا قدره 11 ألفا و980 جنيها، وتصرف الهيئة للشركة الأمريكية هذا المبلغ شهريا، ولكن ما يحصل عليه «تمام» بالفعل كل شهر هو مبلغ 1500 جنيه فقط أى حولى 10% فقط من الراتب الذى تدفعه هيئة البترول!
نفس ما يحدث لـ«تمام» يتكرر- تقريبا- مع كل العاملين فى «أباتشى» فى مصر، فـ«محمد إبراهيم رمضان» – أحد العاملين بالشركة – تخصص له هيئة البترول 11 ألفا و980 جنيها شهريا، وتحصل الشركة على هذا المبلغ من الهيئة ولكنها لا تدفع لـ «رمضان» سوى 1500 جنيه، نفس ذات السيناريو يحدث مع «حمدى رمضان عوض» الذى حددت الهيئة راتبه بمبلغ 11 ألف جنيه، وتدفع للشركة هذا المبلغ شهريا، ولكن الشركة تدفع لـ«حمدى» 1500 جنيه فقط!
أيضا تدفع هيئة البترول مبالغ تتراوح بين 35 ألفا و800 جنيه و40 ألف جنيه شهريا كراتب لهشام إبراهيم الريس – مستشار الخدمات الإدارية بالشركة، ولكن الشركة لا تدفع له سوى 20 ألفا و907 جنيهات فقط، أيضا أبو بكر عبدالمعبود تخصص له هيئة البترول 6 آلاف جنيه شهريا، ولكن الشركة لا تدفع له سوى 1849 جنيها.
أما شوقى مصطفى حامد فمخصصاته الشهرية التى تدفعها هيئة البترول هى 2890 جنيها، ولكنه لا يحصل إلا على 809 جنيهات، بينما يحصل محمد سعد جمعة على 1853 جنيها شهريا، رغم أن هيئة البترول تدفع للشركة 4200 جنيه لكى تدفعها كراتب شهرى لـ «محمد سعد»، و«كريم رمضان جاب الله» تسدد له الهيئة 1800 جنيه شهريا، ولكن «أباتشى» لا تمنحه منه سوى 1205 جنيهات فقط!
وإذا علمنا أن الشركة يعمل بها 310 موظفين مصريين و160 أجنبيا، فلنا أن نتخيل حجم الأموال الشهرية التى تحصل عليها من هيئة البترول كرواتب للعاملين بها، ثم تحتفظ به لنفسها، وحسب مصادر بالشركة فإن تلك المبالغ لا تقل عن 50 مليون جنيه سنويا.

petro petro petro

2٫3 مليون دولار
لم يتوقف الأمر عند اقتطاع أجزاء كبيرة من رواتب العاملين بالشركة الأمريكية، رغم أن هيئة البترول دفعت تلك المبالغ، فالأغرب أن شركة «أباتشى» تطلب شهريا من هيئة البترول صرف رواتب تزيد علي ما حددته الهيئة من قبل، وتطلب أيضا صرف رواتب لأشخاص لم توافق الهيئة على عملهم بالشركة الأمريكية!
وخلال 3 شهور فقط، طلبت الشركة من هيئة البترول صرف 2 مليون و338 ألفا و535 دولارا بالزيادة عما تستحق! منها 303 آلاف و615 دولارا رواتب لأشخاص لم توافق الهيئة على عملهم بالشركة، و30٫44 ألف دولار انتقالات لأشخاص لم توافق الهيئة على عملهم بالشركة أساسا، و845٫335 ألف دولار زيادة عن المرتبات التى حددتها الهيئة، و56٫291 ألف دولار بدلات انتقال زيادة عن التى حددتها الهيئة، 34 ألفا و340 دولارا زيادة فى رواتب العاملين الأجانب بالشركة, و103 آلاف و429 دولارا تكلفة إيجار مبان وأراض وشقق بدون موافقة الهيئة، و10 آلاف و500 دولار تكلفة أتعاب مكتب محاماة، لا تخص مناطق عمل الشركة فى البترول، وحوالى 25 ألف دولار تكلفة تأجير سيارات رغم وجود أسطول سيارات بالشركة تغطى كل أعمالها، وأكثر من 7 آلاف دولار تكلفة إقامة بأحد فنادق القاهرة خلال دورة تدريبية، و34 ألفا و662 دولارا اشتراك «جيم» ونوادٍ للعاملين، وحوالى 5 آلاف دولار لشراء أجهزة محمول لعدد من العاملين بالشركة رغم أن طبيعة عملهم لا تستلزم الاتصال الدائم بالشركة!

إعفاءات جمركية
وبخلاف هذه الملايين تحصل شركات البترول الأجنبية على مزايا بملايين الدولارات، تتحملها ميزانية الدولة المصرية، هى الإعفاءات الجمركية والضريبية على السيارات.. فبموجب القوانين المصرية، والقرارات الوزارية التى أصدرها يوسف بطرس غالى أثناء تولية وزارة المالية، فى حكومة أحمد نظيف تتمتع شركات البترول الأجنبية، بإعفاءات جمركية وضريبية، على جميع السيارات التى تستخدمها فى عملها فى التنقيب عن البترول، وبموجب تلك الإعفاءات، يتم إدخال تلك السيارات دون سداد أية ضرائب، وأيضا يتم تجديد رخصتها السنوية مقابل سداد 180 قرشا فقط، فى حين أن تجديد الرخصة يتطلب سداد مبالغ تتراوح بين ألف و22 ألف جنيه، وفى ظل هذه الإعفاءات أدخلت «أباتشى» أكثر من 140 سيارة ذات سعة لترية لا تقل عن 4 آلاف سى سى والغريب أن حوالى 100 سيارة من تلك السيارات لا تستخدم فى الاكتشافات البترولية، ولا تعمل فى خدمة العمليات بالحقول البترولية، وإنما يتم تخصيصها لتنقلات الموظفين الأجانب وزوجاتهم، داخل المدن المصرية، أى بعيدا جدا عن الحقول البترولية، ورغم ذلك لا تسدد عليها جمارك ولا تدفع لها رسوما لتجديد رخصها سوى 180 قرشا للسيارة الواحدة! وفوق هذا فإن كل هذه السيارات، ذات السعة الكبيرة تحصل على وقود بأسعار مدعمة!

إعفاءات ضريبية
وبحسب الاتفاقيات بين هيئة البترول والشركة، فإن الأخيرة حصلت على إعفاءات ضريبية تتمثل فى الإعفاء من ضريبة المبيعات المستحقة عن خدمة التليفونات المحمولة، ولكن ذات الاتفاقيات قصرت الإعفاء من تلك الضريبة على التليفونات المستخدمة فى الأعمال الخاصة بالبحث عن البترول واستخراجه بمناطق البحث والحقول، ولكن الذى حدث هو أن الشركة قدمت قوائم طويلة بأسماء العاملين طالبة إعفاءهم من ضريبة المبيعات على تليفوناتهم، والغريب أن عددا غير قليل ممن وردت أسماؤهم فى تلك القوائم ليست لهم علاقة اساسا بحقول البترول أو مناطق التنقيب عنه، فأغلبهم يعملون فى مكاتب الشركة بالقاهرة، منهم طبيب عمره 75 عاما يستحيل عليه – صحيا على الأقل – التواجد فى الصحراء حيث حقول البترول، ومنهم أيضا موظف بجراج الشركة بالمعادي، إضافة إلى سيدات لا يمكن بأى حال أيضا تواجدهن فى موقع حقول البترول.

جزاء الشريف!
ويبقى فى حكاية مخالفات شركة الشركة، حكاية تستحق أن نتوقف أمامها كثيرا، تتعلق بـ«هشام إبراهيم الريس» مستشار الخدمات الإدارية، والذى اكتشف مخالفات مالية بالشركة، فخاطب مدير عام الشركة «ديفيد تشى» بشأن تلك المخالفات، فلم يتلق ردا، فتوجه للهيئة العامة للبترول، حيث التقى نائب رئيس الهيئة «هانى عبدالسلام» وقدم له المستندات التى تدل على أن الشركة تصرف رواتب للعاملين بها تقل كثيرا عما تخصصه الهيئة من مبالغ، وبعدها فوجئ بالمدير الإدارى للشركة «جوناثان كيرتيز» يخبره بأنه يحق للشركة أن تتخذ إجراء ضده لأنه أفشى معلومات تخص عمله فى الشركة! وبالفعل تم فصله من الشركة!
يقول «هشام الريس»: لست حزينا على فصلى، وكل ما أريده هو التحقيق فى المخالفات التى رصدتها بالمستندات، ولهذا قدمت بلاغا بكل هذه المخالفات للنائب العام وأنتظر التحقيق فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
slot server jepang